مقالات

شبح الدولة العميقة كابوس يشل قحت

القصة الكاملة لاندحار قحت 

من كتاب صعود وهبوط ( قحت)
القصة الكاملة لاندحار قحت 
شبح الدولة العميقة كابوس يشل قحت
بروفيسور علي عيسى عبد الرحمن
من الاستخدامات ذات المدلول الخاطئ (مصطلح الدولة العميقة) هذا المصطلح الذي أرادت به قحت التوصيف البشع للمشروع الإسلامي السوداني ب(ذمّه وتحقيره وأنه سبب بلاوي السودان) ، فمصطلح الدولة العميقة لدى أولياء نعمة قحت يعني الدولة الراسخة ويقابله مصطلح الدولة الضحلة وبالطبع هي ( دولة قحت ) ، فالعمق يعني الرسوخ في المؤسسات السيادية والسياسية والاقتصادية والأمنية ومؤسسات المجتمع المدني وبالطبع دولة الإسلامييين عميقة انطلاقاً من هذا التوصيف لا وفق توصيفهم الشرير ، فهي دولة مؤسسات المشروع الحضاري الذي يكافحون من اجل تفكيكه ، وتجربة الانقاذ حتى لو جردت من المشروع الحضاري فهي تجربة يجب أن توصف بالعمق فثلاثة عقود من الاجتهاد التراكمي جدير بأن يصنع دولة عميقة تجعل من المدر والحجر بالمؤسسات المدنية والعسكرية يسبح بحمد الله ويتماهى مع الإنقاذ
الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن الدولة العميقة أصبحت كابوساً مرعباً في واقع ومخيلة قحت طيلة فترة حكمها ، فالإسلاميون رسمياً هم خارج الحكم ولكنهم في عالم الواقع والافتراض فهم من يحكم السودان ، فالكوادر المدربة بالخدمة المدنية ( اسلاميون ) وأصحاب الخبرات الفنية النادرة( إسلاميون) ومفاصل الخدمة المدنية عموماً هم (إسلاميون) فهؤلاء نتاج تمكين مدته ثلاثة عقود ، هذا الواقع بالطبع كان وقعه مزعجاّ لقحت وجعلها بين أمرين أحلاهما مر فقحت لا يمكن أن تزيل كل هذا الميراث التراكمي بجرة قلم وتستغنى عن الجميع ، فالمنظمات الاقليمية والدولية لن تسمح بذلك والأمر الثاني يصعب على قحت التعايش مع هذا الواقع من ميراث الدولة العميقة التي تعثرت آليات تفكيك التمكين في التعاطي المؤثر معه واعتذرت عما فعلت لتصبح الخدمة المدنية شبحاً يلاحق قحت في صحوها ومنامها وجعلها تحتار وتصاب بالشلل .
فعبر الخدمة المدنية نجح غواصو الدولة العميقة في الحصول على الوثائق والمكاتبات السرية وغير السرية التي تصدر من كفاءات حكومة قحت التي لم تتدرب على أمن المعلومات فهؤلاء الغواصون يتحصلون على المعلومة طازجة قبل ان يجف المداد الذي كتبت به وقبل ان تستكمل دورتها المكاتبية ، انهم ( كدايس ) الدولة العميقة وقد جن جنون المسؤولين من قحت وهم يرون أسرارهم عبر الأثير وعلى الهواء الطلق وياله من كابوس أرق مضجع الدولة الضحلة .
ما يقال عن المؤسسات المدنية هو ما ينعكس على المؤسسة العسكرية التي تحصنت بقوميتها واحتفظت بخصوصيتها بعيداً عن تدخل قحت فتثور قحت وتسير المسيرات المنددة بالقوات النظامية من قوات مسلحة وشرطة وأمن وتلصق تهمة الدولة العميقة على هذه المؤسسات النظامية والأمنية .
لقد بلغت هواجس الدولة العميقة مبلغاً متقدما في عقل قحت الظاهري والباطني ، فأصبحت قحت تحسب كلةصيحة عليها مصدرها الدولة العميقة لدرجة تعطيل دولاب العمل بحجة وجود عفريت الدولة العميقة الذي داخل المعدات .
بدأت قحت مشوارها في الحكم بصناعة معارك عنيفة مع الإسلاميين سدنة الدولة العميقة واتخذ الصراع طابع الاستهداف الشخصي لرموز الاسلاميين ، فصودرت ممتلكاتهم الخاصة وتعرضوا للتحقيقات داخل غرف أشبه ما تكون ببيوت الأشباح، ثم انتقلت المعارك الى المؤسسات الدعوية والاقتصادية التي ظنت قحت أنها قواعد الدولة العميقة وصاحب هذه المعارك حملات مكثفة هدفت الى تشويه الاسلاميين أمام الرأي العام ، ولكن امتص الإسلاميون الصدمة الأولى من الهجمة الموجهة والممنهجة ، بل ذهب البروفيسور غندور الإسلامي رئيس المؤتمر الوطني بأن الحزب سوف يقدم السند الإيجابي للحكومة ، وهي بالطبع إشارة من الإسلاميين الى قحت ( ياجماعة ما دايرين معاكم دواس ) ، فقد احتفظ الاسلاميون بسيوفهم داخل أغمادها ، بينما توجه اليهم الضربات المتتالية دون أن يتحركوا ، فقد تحيرت قحت من صمت الإسلاميين المريب وعبر عن ذلك القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف ولسان حال قحت يقول ( لا شك انّ الإسلاميين راقديهم ليهم على رأي ) بينما لسان حال الإسلاميين يقول ( إنها استراحة محارب أسرحوا وامرحوا ياناس قحت وراكم والفترة الانتقالية تنتهي ) .
لقد أربك صمت الإسلاميين وعدم تصعيدهم ضد حكومة قحت القحاتة ، فعلى الرغم من أنّ الظرف بأزماته مهيئ للتصعيد الا أنّ سدنة الدولة العميقة ظلوا لا يبالون ، لقد حمل هذا الصمت قحت الى تغيير استراتيجيتها فقد خارت قواها وهي تخوض معارك وهمية في غير معترك فالميادين الاستراتيجية الخاصة بالنهضة الوطنية هي الجديرة بالمعارك لا صناعة عدو وخوض معركة ضده ، فسلوك قحت هو اشبه بسلوك الفارس الاسباني في القرن السابع عشر (دون كيشوط) الذي حملته هواجسه بمبارزة طواحين الهواء بسيفه فأصبح ضحية لريشة احدى الطواحين فهوت به في مكان سحيق فاصيب بجروح غائرة فمرض واوشك على الموت وحينما شفي ادرك انّ ما قام به جنون فتاب كما تابت قحت واختارت التعايش مع الدولة العميقة الذي كان عواقبه خروجها من المعادلة التي انتصرت فيها الدولة العميقة ، خرجت قحت وهي مضرجة بدمائها ولسان حالها يعترف بفشل استراتيجيتها مقابل نجاح استراتيجية الدولة العميقة .
نجح اعلام الدولة العميقة في كشف وتعرية قحت وحكومتها ، مستخدماً كل المنصات وقد اشترك في هذه الحملة الاعلامية ضد قحت الاعلاميون من غير الاسلاميين الذين أقصت قحت ظناً منها أنهم عناصر الدولة العميقة مما جعل الفضاء يضيق على قحت ويتراجع جدادها الالكتروني امام حملات الاسلاميين والاعلاميين الناقمين عليها ولعل وقع الحملات الإعلامية على حكومة قحت وحاضنتها كان له الأثر في نهاية قحت .

شاهد عيان

منصة شاهد عيان الإلكترونية من المبادرات الحديثة التي تهدف إلى تمكين المواطنين من المشاركة في توثيق الأحداث والظواهر الاجتماعية والبيئية في مجتمعاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى