يُعرَّف إستنزاف العدو في العلم العسكري بأنه نهجٌ عملياتيّ وإستراتيجيّ يقوم على إرهاق الخصم تدريجياً عبر تفكيك قدراته القتالية واللوجستية والمعنوية، بحيث يُدفع إلى حالة يفقد فيها القدرة على المبادرة أو الاستمرار الفعّال في القتال، لا يعتمد هذا النهج على تحقيق نصر سريع أو حاسم بقدر ما يعتمد على جعل إستمرار العدو في القتال مكلفًا إلى درجة لا تُحتمل
يقوم الإستنزاف عادة على محاور أساسية، أبرزها: تقليص قوة المناورة لدى العدو، ضرب مراكز الثقل القيادية، إعاقة خطوط الإمداد، وتوجيه ضربات متتابعة تُفقده القدرة على إعادة تنظيم صفوفه، ويكون جوهر هذا الأسلوب هو تحويل كل تحرك للمليشيا إلى عبء، وكل محاولة لشن عمليات إلى خسارة جديدة بابنوسة نموذجا ، فلا يعود قادراً على تعويض ما يفقده بالوتيرة نفسها
وعند تطبيق المفهوم على منهج القوات المسلحة في كردفان من زاوية تحليلية الأنماط شملت إستهداف المتحركات، ضرب القيادات، إعاقة الإمداد ،هذه الإجراءات، ساهمت في ضغط مستمر على بنية قوة المليشيا، العمليات التي تركزت على التحركات الميدانية ضربت حرية المناورة، والضربات التي طالت القيادات تُحدث فراغات تنظيمية… هلاك( ابو تقديمة قائد قطاع الفولة والذي نعاه الباشا (طربيق ) و إنزل دموع التماسيح ! مثالا ، بينما يُعد تعطيل الإمداد أحد أهم أشكال إنهاك المليشيا في كردفان
ظهرت نتائج الإستنزاف على المليشيا في عدة صور:
– تراجع القدرة على التخطيط والتنفيذ بسبب فقدان القيادات أو إضطراب منظومة القيادة والسيطرة
– انخفاض الفاعلية القتالية بفعل نقص الذخيرة والوقود والغذاء والمعلومات
– تآكل المعنويات نتيجة شعور المقاتلين بأن خسائرهم مستمرة وأن فرص المبادرة أصبحت محدودة
– فقدان القدرة على التمسك بالأرض لأن الدفاع المتماسك يحتاج إلى إمداد منظم وقدرة على المناورة
أما نتيجة الاستنزاف لصالح القوات المسلحة تمثلت في أنها حققت تقدماً تراكمياً دون الحاجة إلى مواجهات كبرى عالية الكلفة، ومنحت نفسها الوقت لتثبيت المبادرة المطلوبة وتحقيق ضربات في مقتل، ولكن هذا النجاح يظل مشروطاً بالقدرة على الاستمرار في الضغط و المحافظة على خطوطه اللوجستية، وتجنب التمدد المفرط، إن إستراتيجية الاستنزاف ليست بلا ثمن؛ تتطلب صبراً واستدامة في الموارد والانضباط العملياتي
إني من منصتي أنظر ….حيث أري … أن إستنزاف المليشيا باعتباره نهجاً عسكرياً لا يهدف فقط إلى تقليل قوتها فقط ، بل إلى إعادة تشكيل ميزان القوى حتى يصبح الحسم محتوماً ، وكلما كانت عمليات الاستنزاف دقيقة ومدروسة ومستندة إلى معلومات صحيحة، كانت نتائجها أكثر وضوحاً على مسار الميدان ، هنا يكمن الفرق بين المتعلم…. وبين الجاهل عسكريا.
















Leave a Reply