من أحاجي الحرب ( ٢٣٧١٣ ) : ○ كتب: أ. Hafiz Raouf Zoom out

الانسان يحتاج في كل مرة يحتاج يعمل “zoom out” ليرى الصورة بمشهدها العام حتى لا يغرف بين التفاصيل.
سألني احد الشباب الصغار ممن شارك بالثورة على البشير ان اعطيه صورة عامة عن ماذا جرى وماذا يجري في السودان.. فاردت تعميم هذا المكتوب لغيره من الشباب..
كان هناك غضب وعدم رضا من حكم البشير بعد تكاثر خلافات قيادات الانقاذ وظهور الفساد في الحكم وتمكين المحاسيب واضطراب السياسات الاقتصادية ويأس الناس من الاصلاح فخرج المواطنون يطالبون بالتغيير وكان التغيير مطلب شعبي بامتياز -بغض النظر عن جدل من الذي اخرجهم ومن الذي سهل لهم وغيرها من تفسيرات السياسيين-
* القوات المسلحة -كعادتها- حينما يسوء الوضع وتوضع بين خياري مواجهة الشعب او الحاكم فانها تنحاز للشعب ففعلت ذلك وخلعت البشير لتعيد السلطة للشعب.
وقد دعت كل الفاعلين السياسيين للحوار لترتيب كيفية انتقال السلطة للشعب عبر ماهو معروف من انتخابات تحدد من الذي يمثل الشعب.
ظهرت فئة سياسية ترفض هذا المسار وتقول انا الشعب وانه يجب تسليمها السلطة وعودة الجيش الى ثكناته. الجيش خالف نهجه في ادارة فترات الانتقال باعتباره جهة غير سياسية واشرك هذه الفئة من السياسيين في السلطة.
ولإختلاف الدوافع والطبيعة بين الجهتين وقع الخلاف. اذا ان السياسيين نقلوا كل خلافاتهم وخصوماتهم السياسية للحكم الانتقالي واطاحوا بطبيعة الترتيبات الانتقالية ورفضوا تحديد مدة الفترة الانتقالية ورفضوا قيام مفوضية الانتخابات والمحكمة الدستورية وحاولوا تطبيق كل برنامجهم السياسي دون اي تفويض شعبي بل حاولوا تفكيك الجيش نفسه.
الوضع الطبيعي ان الجيش -الذي خرج له الشعب امام القيادة العامة وفوضه- يعيد المسار الطبيعي المعروف للحكم الانتقالي بتحديد اجل الفترة الانتقالية واختيار حكومة غير حزبية لتهيء الوضع لعودة الحياة الحزبية والسياسية.
* لكن القوى السياسية التي ارادت اختطاف ثورة الشباب استمالت بعض القوى العسكرية “الدعم السريع” واوحت لها ونسقت معها للقيام باستلام السلطة ورافق ذلك طموح بعض القوى الاقليمية العربية في تنصيب حكومة موالية لها فدعمت الخطة بما يضمت سيطرتها على الاوضاع
ولما فشل الانقلاب ايقنت القوة الخارجية والقوى السياسية غير الديمقراطية ان العقبة الاساسية امامهم لاستلام البلد هي القوات المسلحة فشنوا عليها الحرب تحت وهم انه يمكنهم هزيمتها وتفكيكها.
الشعب السوداني صاحب الحق الاصلي ادرك ببساطة ان القوات السلحة ملكه وحارسة بلده ولا يمكن التفريط فيها واستبدالها بمليشيا قبلية وعنصرية فقام بسندها والوقوف معها وقفة باسلة بالمال والاعلام والانفس والارواح.
وقد وضح ذكاء الشعب السوداني وسلامة فطرته اذ تبين ان قوات الدعم السريع استباحت البلد قتلا ونهبا واغتصابا وتدميرا من موقع العنصرية والجهوية فرأى العالم مالم ير مثله من الإجرام والوحشية وسوء الاخلاق..
المطلوب الان الوقوف بقوة مع القوات المسلحة لكسر شوكة التمرد من موقف قومي بلا جهوية ولا عنصرية. وليس لتستمر في الحكم بل لتعيد مسار الفترة الانتقالية للاتفاق على دستور وطريقة تمكن الشعب من انتخاب ممثليه للحكم فالوضع الطبيعي ان يكون الحاكم مدنيا يختاره الشعب ويقود الدولة بما فيها القوات المسلحة طالما يستمد قوته من الشعب فعلا.