مجزرة النهاية في واشنطن: حين تُجرب أمريكا وتُقرر بورتسودان واشنطن تُجرب وبورتسودان تُقرر: ما الذي يجري فعلاً خلف الأبواب المغلقة؟ ✍️ مكاوي الملك

اولاً..لا تصدقوا الشائعات ولا أبواق الخيبة.. دعكم من الضجيج وأبواق المليشيا واعلام الامارات ..السودان تجاوز أخطر المنعطفات للمعركة ما يجري اليوم ليس ارتباكاً بل جزء من معركة كبرى يعاد فيها رسم موازين القوة ..والسودان هذه المرة في موقع الفاعل لا المفعول به.. ما يحدث في واشنطن جزء من معركة سيادة كبرى..وبورتسودان تديرها بذكاء وهدوء.. معركة بين عواصم كبرى تتصارع على موقعه لا على مصيره..بورتسودان اليوم تقرر والعالم يراقب..!
في الساعات الأخيرة تصاعدت الأحاديث حول اجتماعات تُعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن بشأن السودان..
تنوّعت الروايات بين من يزعم أن هناك مفاوضات “غير معلنة” مع المتمردين..وبين من يروّج لفكرة “تسوية أمريكية وشيكة”
لكن الحقيقة..كما تؤكد الوقائع والمصادر الدقيقة..مختلفة تماماً عن هذه الصورة الضبابية
أولاً: ما الذي يجري فعلاً في واشنطن؟
ما يجري ليس تفاوضاً مباشراً أو غير مباشر بين الحكومة السودانية والمليشيا كما يروّج البعض
بل هو نشاط دبلوماسي مكثف وضغط سياسي تمارسه واشنطن على الأطراف الإقليمية المتورطة في دعم الحرب داخل السودان..خاصة بعد أن تزايدت المؤشرات على أن الخرطوم بدأت تنسج شراكات قوية مع موسكو وطهران وبكين
الولايات المتحدة أدركت أن السودان بات يقترب من محور الشرق..خصوصاً في ملفات حساسة مثل:
• الموانئ على البحر الأحمر
• التعاون العسكري والاستخباراتي
• مشاريع البنية التحتية والطاقة
لا مدنيين ولا امارات فقط هذه التحركات السودانية أثارت قلق واشنطن التي ترى في البحر الأحمر ممراً استراتيجياً بالغ الأهمية..وشرياناً رئيسياً للتجارة والطاقة العالمية
لذلك تحاول الآن إعادة الإمساك بخيوط الملف السوداني قبل أن تفقد تأثيرها بالكامل في المنطقة
ثانياً: النفي الرسمي.. خطوة محسوبة وليست تناقضاً
أصدر مجلس السيادة الانتقالي بياناً رسمياً نفى فيه وجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع المليشيا في واشنطن
بعض الناس رأوا في هذا البيان تناقضاً مع الأحاديث التي تتداول عن “تحركات سودانية في واشنطن” لكن الواقع أن النفي الرسمي كان مقصوداً بعناية
لماذا؟
لأن الدولة السودانية تريد أن تحافظ على مرونتها السياسية دون أن تمنح أي طرف شرعية
بمعنى آخر..بورتسودان لا تريد أن يُفسّر وجودها في أي حوار أو اجتماع على أنه “تنازل” أو “تفاوض” مع من لا شرعية له
وفي الوقت ذاته..تُبقي الباب مفتوحاً أمام أي تحرك يخدم مصالح السودان العليا أو يضغط على الأطراف الإقليمية الداعمة للمليشيا
هذا ما يُعرف في لغة السياسة بـ “الضغط التكتيكي” — أي استخدام أدوات الدبلوماسية والمعلومات لاختبار مواقف الآخرين دون الالتزام العلني بأي تفاوض أو اتفاق
بمعنى آخر:
الدولة السودانية تمارس دبلوماسية ذكية — تظهر موقفاً صارماً في العلن..لكنها تستخدم النفي كوسيلة للضغط والمناورة دون أن تُقيد نفسها أو تعطي شرعية لأطراف لا تستحقها
ثالثاً: ما بين العلن والعمق
في العلن..الموقف السوداني واضح وثابت كما أكده رئيس مجلس السيادة والقائد العام الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في القاهرة مؤخرا وزيورخ سابقاً :
لا تفاوض قبل وقف دعم الإمارات للمليشيا..وضمان سيادة السودان كاملة غير منقوصة
وفي العمق..هناك تحركات سياسية واستخباراتية دقيقة تهدف إلى:
• إحكام الضغط على داعمي المليشيا إقليمياً
• اختبار نوايا واشنطن ومصداقيتها بعد ثلاثة أعوام من الصمت تجاه الجرائم المروعة في دارفور والخرطوم والجزيرة
• إعادة توجيه ميزان القوى في الإقليم بما يخدم مصلحة السودان لا مصالح الآخرين
بكلمات أوضح:
السودان لا يُفاوض الآن على السلطة..بل يُفاوض الآخرين على احترام سيادته
رابعاً: أمريكا تُجرب.. والسودان يُناور
الولايات المتحدة الآن تحاول أن تستكشف حدود قدرتها على التأثير في الملف السوداني بعد أن تراجعت مكانتها في الإقليم لصالح قوى جديدة
لكن بورتسودان هذه المرة ليست كما كانت قبل عامين:
فهي تمتلك أوراق ضغط حقيقية — سياسية..عسكرية…واقتصادية — وتتحرك بثقة دولة فرضت واقعاً جديداً على الأرض
الجيش السوداني اليوم هو الفاعل المركزي في المعادلة الوطنية..وقد أفشل مشروع السيطرة على السودان الذي عملت عليه بعض القوى الإقليمية والدولية عبر المليشيات والمرتزقة
لذلك..أي تحرك أو تفاهم يجب أن يتم وفق شروط بورتسودان لا أوهام الآخرين
خامساً: الدرس الأهم
ما يجب أن يفهمه الجميع أن النفي الرسمي لا يعني السكون..بل يعني الدهاء السياسي
بورتسودان تتعامل بذكاء استراتيجي مع المشهد..فهي لا تُغلق الباب أمام أحد..لكنها أيضاً لا تسمح لأحد أن يُملي عليها شروطه
السودان يدير المعركة الآن على محورين:
1. عسكرياً: تحقيق السيطرة على الأرض وتحرير المدن من المليشيات
2. سياسياً: إدارة التوازنات الإقليمية والدولية بمرونة دون التنازل عن السيادة
سادساً: السودان اليوم رقم صعب
السودان لم يعد كما كان يُنظر إليه في السنوات الماضية..
اليوم هو رقم صعب في معادلة الإقليم..يمتلك عمقاً جغرافياً واستراتيجياً وموقعاً مؤثراً في ممر البحر الأحمر…ويملك جيشاً صامداً وشعباً واعياً يدرك حجم التحديات
بورتسودان اليوم تُقرر… وواشنطن تُجرب
وكل خطوة تُحسب بدقة…لأن القرار الوطني أصبح في يد السودان وحده..لا في يد الداعمين ولا الوسطاء
الخلاصة:
• ما يجري الان في واشنطن ليس تفاوضاً..بل اختبار سياسي واستخباراتي
• النفي الرسمي جزء من خطة تكتيكية للحفاظ على السيادة دون منح شرعية لأي طرف
• السودان يُعيد رسم قواعد اللعبة الإقليمية بذكاء وثبات
• السيادة خط أحمر.. والحكومة لا تتفاوض إلا بشروط الوطن
🇸🇩 السودان لا يُفاوض على أرضه… بل يُفاوض الآخرين على احترام سيادته



