مقالات

إعلان “حكومة التأسيس” بين وهم الشرعية وانكشاف المشروع السياسي لمليشيا الدعم السريع بقلم: عبدالمنان أبكر عمر

في خطوة متعجلة تعكس ارتباكًا سياسيًا وعسكريًا أعلنت مليشيا الدعم السريع المتحالفة مع بعض الفصائل والمكونات السياسية ما يُسمى بـ”حكومة التأسيس” كحكومة موازية للسلطة الشرعية في السودان. هذا الإعلان قوبل برفض واسع داخل السودان وخارجه وأثار موجة استنكار خاصة في إقليم دارفور الذي يُفترض أنه الحاضنة الاجتماعية الرئيسية لهذه المليشيا.

داخليا.. كشف هذا الإعلان عن عمق الخلافات والتباينات داخل المكونات الداعمة للدعم السريع. إذ عبّرت بعض الكيانات القبلية عن رفضها للمشروع السياسي للمليشيا مستندة إلى عدم إشراكها في تقسيم المناصب ما يعكس استمرار منطق الغنيمة على حساب المصلحة الوطنية. أما على مستوى الشارع السوداني فقد قوبلت “حكومة التأسيس” بسخرية ورفض نظرًا لافتقارها لأي مشروعية سياسية أو دستورية ولارتباط الدعم السريع بجرائم وانتهاكات واسعة النطاق في مناطق النزاع.

خارجيًا.. لم تجد “حكومة التأسيس” أي اعتراف من المنظمات الدولية والأممية كما أعلنت العديد من الدول الغربية والمؤسسات الإقليمية رفضها القاطع لهذه الخطوة مؤكدة دعمها لمسار التحول المدني والسلطة الشرعية القائمة في بورتسودان. هذا الرفض الدولي أجهض منذ البداية أي محاولة لاختراق دبلوماسي قد تسعى إليه هذه الحكومة الموازية وكرّس عزلتها الكاملة سياسيًا وقانونيًا.

توقيت مضطرب.. جاء إعلان “حكومة التأسيس” في لحظة حرجة حيث يحقق الجيش السوداني تقدمًا ميدانيًا ملحوظًا في عدة جبهات ويصاحب ذلك تزايد الدعم الشعبي للمؤسسة العسكرية خاصة بعد تعيين رئيس وزراء مدني مستقل في بورتسودان وبدء خطوات تشكيل حكومة تكنوقراط وطنية تعكس تطلعات الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي.

هذا التزامن بين التقدم العسكري والتحول السياسي الحقيقي أجهض مشروع الدعم السريع السياسي وكشف أن الإعلان لم يكن سوى محاولة يائسة لخلق واقع سياسي بديل لم يجد أي حاضنة داخلية أو خارجية.

يمنح هذا الفشل فرصة كبيرة للحكومة الشرعية لتعزيز موقعها السياسي والدبلوماسي من خلال إطلاق خطة دبلوماسية واسعة النطاق تشمل الدول الغربية والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، والأمم المتحدة.

تفعيل الجهود الإقليمية لكسب الاعتراف والدعم من دول الجوار المؤثرة لا سيما دول الخليج.

ربط التقدم العسكري بالدبلوماسية النشطة لتأمين المكاسب الميدانية سياسيًا ودفع باتجاه إنهاء التمرد بشكل شامل.

إن إعلان “حكومة التأسيس” مثّل لحظة انكشاف حقيقية لمليشيا الدعم السريع وأظهر عزلتها الداخلية وتخبطها الخارجي. وفي المقابل فإن توسيع قاعدة الاعتراف بالحكومة الشرعية وتثبيت أركان الحكم المدني عبر خطوات دستورية ومؤسساتية متدرجة سيسهم في تقوية الجبهة الداخلية وإغلاق الباب نهائيًا أمام أي مغامرة انقلابية أو مشروع موازٍ خارج إطار الدولة.

شاهد عيان

منصة شاهد عيان الإلكترونية من المبادرات الحديثة التي تهدف إلى تمكين المواطنين من المشاركة في توثيق الأحداث والظواهر الاجتماعية والبيئية في مجتمعاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى